من أجل صياغة دستور ثقافي يحمي المكتسبات والقيم

  



 

بقلم محمود حرشاني


لا شك أن الثقافة بكل مكوناتها ووسائلها وأدواتها هي صمام الأمان الذي نطمئن إليه لحماية المسار الذي يقود بلادنا نحو الأفضل ويحمي الثورة ويحقق أهدافها في غير تحيّز أو تطرّف. والشعوب الراقية هي التي تحمي الثقافة من هيمنة السياسة وسطوة السياسيين.

وما نلاحظه هو افتقار برامج الأحزاب السياسية التي اطلعنا عليها إلى مشروع ثقافي واضح ومتكامل. بل إن كل الأحزاب ركزت على ما هو سياسي وأهملت الثقافة. ونحن نعتقد أن هذا يعد مؤشرا خطيرا ويهدد مستقبل الثقافة في الوطن ويؤشر على تراجع المكاسب الثقافية ومن هنا فإننا في جريدة الزمن التونسي ندعو غلى صياغة دستور ثقافي تونسي بالموازاة مع صياغة الدستور الجديد على أن يختص الدستور الثقافي بالتنصيص على احترام مكتسبات البلاد الثقافية والقيم الأخلاقية المشتركة واحترام حق الاختلاف والدفاع عن الهوية وعدم المساس بمكاسب البلاد الوطنية وعدم تخوين المبدعين وتهميش الثقافة والتشجيع المادي والمعنوي على الخلق والابتكار واحترام المبدعين وحمايتهم من الأخطار والمضايقات وعدم تصنيف المبدعين إلى موالين وأعداء والإعلاء من شأن استقلالية المبدع في كل شأن من شؤون الابداع وتسهيل نشر أدوات الثقافة الجماهيرية وفي مقدمتها الكتاب ترسيخا لحق الناس في الثقافة كحقهم في الماء والهواء والصحة والتعليم.

كما ينص هذا الدستور على إلغاء الرقابة على المصنفات الثقافية والابداعية وحق المبدع في دعم الدولة ومساعدة نشر الثقافة على نطاق واسع.

كما ينص هذا الدستور على حماية المثقفين من تسلط السياسيين وإحداث برلمان ثقافي ومجلس أعلى للثقافة أعضاؤه منتخبون من المثقفين.

كما يدعو الدستور إلى التفتح على التجارب الثقافية العالمية واحترام قيم الهوية الوطنية والأصالة واعتماد التسامح منهجا في بناء العلاقات الثقافية.

كما يدعو الدستور الثقافي إلى اعتماد كل الوسائل المتاحة بها فيها الوسائط الاتصالية الحديثة لنشر الثقافة على نطاق واسع. إننا نأمل من وراء دعوتنا إلى إحداث وصياغة دستور ثقافي تونسي إلى إحياء التقاليد التونسية العريقة في هذا المجال وحماية الثقافة من هيمنة السياسة.

ذلك أن الثقافة مثلما هو متعارف عليه تصلح ما تفسده السياسة حتى تبقى الثقافة هي الجدار العالي الذي يحمي ظهورنا ونستند إليه.

comments

أحدث أقدم